لورا فيورا
أستاذة بقسم العلوم المعدنية والبترولية بجامعة تورينو (إيطاليا)
ينتج البرازيل بعض الأحجار الزرقاء اللون والتي تصدرها حاليا إلى جميع أنحاء العالم؛ ويتعلق الأمر بمواد محبذة في المعمار الحديث وقد استعملت كثيرا كذلك في أعمال نحتية هامة. فقد قمنا بدراسة الخصائص المعدنية النفطية لمختلف أنواع الصخور: فاستنتجنا بأن اختلاف التكوين الكيمياوي يترجم إستدامة الحجر في المستقبل.
تتمتع الأحجار الزرقاء التزيينية بقيمة كبرى وبنجاح كبير في الأسواق العالمية المعاصرة، ويشغل اللازورد منصب السيادة، وفي الواقع هي جوهرة قد جلبت إهتمام الباحثين منذ القدم. فقد إستخرجت في أفغانستان واستعملت في بلاد ما بين الرادفين لصناعة أشياء منذ 4000 سنة قبل المسيح، كما استعملت كملون في عصر الفراعنة بمصر، وكذلك في صناعة الأعمدة. إن المواد التي بإمكانها إعطاء اللون الأزرق الى الحجر عديدة: فبعضها ما توظف كجواهر، وأخرى لا تستغل على المستوى التجاري وذلك لندارتها أو لأنها تتوفر بكميات ضعيفة جدا لإعطاء اللون الأزق للحجر. فمن بين 3600 معدن معروف، يوجد إلا 50 منها تتميز مجهريا بهذا اللون، والشائعة بينها نذكر الفلدسبتويدس الازوريت، السدليت، بورون السيليكات الدومورتياريت، فسفاط الألمنيوم اللازوليت، الأنفيبول السديومي الغلاوكوفاني، الكوارتز، سيليكات الألمنيوم السيانيت، البلاكيوكلاس الكلسي اللبردوريت، الخ.
في أواخر السبعينات، إكتشفت السوق العالمية للحجارة، والتي لا تنفك عن البحث عن المواد الجديدة، في اللون الأزرق الغير مألوف البديل الأفضل للصباغة التقليدية. ويضم قطاع الحجر التزويقي الأزرق أحجارا كاملة الزرقة، كأحجار سوداء تتخللها قطع من الزجاج الأزرق، أحجار رمادية اللون تضم مكونات زرقاء، وكذلك أحجار في الواقع ذات اللون البني فقط ولكن وبالرغم من ذلك فإننا نجد أن إسمها التجاري يضم كلمة "أزرق". كما توجد أحجار أخرى متعددة الألوان والتي تشمل من بينها معدنا أزرقا.
وينتج البرازيل عددا من أهم الأحجار الزرقاء، الكربونية منها كالسلكاتية. ومن وجهة نظر علم المعادن، فإن ترتيب أحجار التزيين الزرقاء يكون:
- الرخام – الكوارسيت – السيانيت – الغنايس.
أما الرخام فهو صخر فحمي، الكوارسيت يتكون خاصة من الكوارتز والسيانيت، أما الغنايس فهو يتكون من السيليكات. ويبقى بديهيا بأن التركيبة الكيميائية للحجر شديدة التأثير على دوام الحجر.
الــرخــام الأزرق
حسب المنظار البتروغرافي فـإن الصخر المفحم تتمثل في الرخام، يعني ذلك أنها عناصر كلسية متبلورة بتأثير التغير. فهي صخور متكونة خاصة من الكربونات (الكلسيت والدولوميت) والسيليكات. أما عن تلون الرخام الأزرق فلا يعود الى أسباب كيميائية، بل طبيعية: فبالفعل فإن اللون الأزرق هو خاص بالكربونات حيث نشبت على شبكيته البلورية شوائب شبكية (مراكز اللون) من التشويه التغيري. (فيورا و لمانا 1997).
أما رخام "ماء البحر" الذي يستخرج من ولاية إسبيريتو سانتو فهو يستمد لونه الأزرق من الشوائب الشبكية التي وقعت في الشبكية البلورية للكربونات خلال المسار التغيري للصخر. كما توجد أصنافا أخرى من الرخام الأزرق البرازيلي مثل المسمى "بلو سكاي مونتي كارلوس" والرخام الأبيض المائل الى الزرقة "وايت بلو".
الغرانيت الأزرق
يضم التصنيف التجاري للغرانيت الأزرق نوعين من الصخر وهما: الرواسبية والتغيرية (فيورا 1997).
ويمتاز من بين الأصناف البرازيلية إمتيازا خاصا صنف الصخر السيانيتي والمتكون من جراء توطيد وبلورة راسب متشبع بالسيليس في الأعماق، وهو ما حدث في شأن صنف "الأزول باهييا" والمستخرج من ولاية باهييا، فهي صخرة ذات حبوب متوسطة والون الأزرق المتكتل.
ومن بين الصخور التغيرية الزرقاء تمتاز الكوارسيت "الأزول ماكومباس" (باهييا) بصمعة تجارية فائقة. فيمكن أن يكون لهذا المعدن أشكال مختلفة، فقد تتخللها عروق زرقاء وبنفسجية، واحيانا عروق أو ببقع من السيانيت الزرقاء المائلة الى اللون الأخضر، أو كذلك ترصعات سوداء من المغنتيت أو وردية متأتية من الهيماتيت.
أما المعدن الأزرق فهو الدومورتيارت، وهو نوع من بورون السيليكات والمنجر عن التغيرات التي حدثت علي المعادن الأصلية والغنية بمادة البورون. وهو مستعمل كمعدن مقاوم للصهر، أو كذلك كحجر تزويقي، ويستمد لونه الأزرق الى تعويض مادة الألمنيوم بمادة التيتانيوم، في حين يبدو أن اللون البنفسجي يكون متأتي عن تعويض السيليس بمادة التيتانيوم (غنثالث 1998). كما أن البورون كذلك هو عنصر ملون.
كما يذكّر الشريط الأزرق الموجود على بغض الألواح بترسب الطبقات القديم والتي تكون أحيانا متقاطعة. وعند الفحص المجهري يبرز على اللوح بهيكله المحبب في شكل فسيفسائي من الكوارتز، طبقات من الدومورتياريت في أشكال مدورة ترسبت لتتموقع على المعادن الأصلية من الطين، موسكية، قاتمة، من السيانيت، الهماتيت، التيتان، السيركون، الأبتيت. كما يجدر الإشارة الى صلابة هذه الصخرة التي تسوق بكثرة كرخام وذلك نظرا الى تصميمها الفريد والواقع أن تكوينها الكيميائي لا يعدو أن يكون من السيليس خاصة، ولا من الكربون.
كما يوجد في البرازيل صخرة أخرى ذات اللون الأزرق وينجر لونها هذا عن تواجد مادة السيانيت: نتكلم هنا عن صنف "أزول دو مار" (أزرق بحر الكارييب)، وهو نوع من الصخرة التحولية ذات الحبوب الرقيقة، وذات تركيبة حبوبية في شكل فسيفساء ومتكونة من الكوارتز، من مادة السيانيت، من الميكا البيضاء والكلوريت، بالإضافة الى وجود معادن أخرى تكميلية من النوع القاتم وأخرى من البراق. وحسب الدراسة البتروغرافية فهي صخرة من الكوارتز السيانيتي، ولقد مدتنا شركة غراميل GRAMIL ببعض خصائصها التقنية التالية:
إمتصاص الماء: 0,07 %
الكتلة في حالة جفاف: 2,921 كغ/م3
الكتلة في حالة تشبع: 2,923 كغ/م3
مدى تحمل الضغط: 280,0 MPA
مُعامل التمطط الخطي الحراري: 8,3 (10-3 مم/مْ س).
وإلى جانب إستعمال هذه الصخرة في مجال البناء تم توظيفها كذلك في أعمال النحت، وبالتحديد فهي المادة التي نحت بها النصب التذكاري "Space Ship Earth" والمهدي لدافيد براور المختص في حماية البيئة والذي أنجزه النحات أينو (انظر الصورة). وهذا التمثال الذي سيقع وضعه في موقع بارز بشرم سان فرانسيسكو في كاليفورنيا (الولايات المتحدة) يرمي الى دعوة الجميع إلى حماية المحيط الطبيعي للأجيال القادمة. ومثل العديد من التماثيل المعدة بالحجر التزييني (فيورا، إسبين، 2001) فإن هذا الصنف من الحجر يعتبر كحجر تاريخي لمستقبل بداية القرن الواحد والعشرين.
وتندرج ضمن صخور الغرانيت الأزرق البرازيلي العديد من النماذج الصخرية الصهرية ذات التغير السريع، وذات اللون الأزرق الناتج عن الكوارتز المنجر عن التأثيرات المتأتية عن التغيرات اتخذ هذا التلون. ومن بين هذه الأنواع من الصخور نذكر الغرانيت السماقي سوكورو. كما أن التلون الطبيعي للكوارتز يتلاشى عند التسخين لحد 500درجة.
وكحوصلة، يمكن أن نقر بأن الصخور البرازيلية الموجودة في السوق حاليا تتمتع بخاصيات كيميائية ومعدنية كثيرة الإختلاف والتي تترجم مدي دوامها.
كما تجدر الإشارة إلى التجريد الكيميائي الذي قد ينشب على الرخام الأزرق في حالة استعماله في أجواء يحتمل فيها الإتصال بالحوامض (مثل الأجواء الخارجية بالمدن حيث توجد تجمعات مرتفعة من SO2، وإستعماله في الداخل حيث يوجد الإتصال بالمواد الحامضة، (مثل أوجاق المطابخ). كما يجب الإشارة إلى أن الرخام "الأزول ماكومباس " أو "الكاريبين بلو" هي مواد أمتن إذ أنها طبيعة تكوينها مرتكزة على الكوارسيت. ومن بين أصناف الغرانيت البرازيلية الأخرى، فإن المادة التي تتمتع بأكثر مكانة في السوق هي "الأزول باهية"، وهي من نوع الصخر السيليسي، ونجد من بين مكوناتها المعدنية نسبة ضعيفة من كربونات الكلسيوم مما يجعلها غير ملائمة للإستعمال في الأجواء الخارجية الملوثة بـ SO2 أو أن تكون على اتصال بأي محلول حامض.
إذن، فإن الإطلاع على مختلف أصناف الحجر الأزرق البرازيلي من جانب خصائصها المعدنية-البتروغرافية، وكذلك فيما يتعلق بخصائصها الجمالية، يخول لنا بألا نخطئ في الإختيار عندما ننوي استعمالها.