بقلم روجيريو موتينهو، شركة MGLW، المملكة المتحدة
ما الذي يبحث عنه المعماريون والمصممون حقّاً حينما يقررون استعمال الحجارة الطبيعية؟
بدون الإفراط في تبسيط في الأمور فإنّ ما يراد في الواقع عند احتيار استعمال الحجارة الطبيعية في مشروع ما هو ما يلي:
1. حجارة مناسبة من حيث اللون وتصميمها؛
2. حجارة مناسبة لشروط التطبيق المطلوب، يعني ذلك أن تغطي الحاجة من حيث الصلابة، ألا تكون ذات قدرة عالية في الامتصاص، الخ؛
3. أن تكون الحجارة متوفرة من حيث الكم وفي الآجال المرجوة لانجاز المشروع؛
4. أخيراً، أن يكون ثمن الحجارة الطبيعية معقولاً يوافق الميزانية المخصصة لمشروعنا.
فيما يخص النقاط الأربع المذكورة أعلاه رأينا أنه من المجدي قبل الدخول في التفاصيل أن نتطرح الأسئلة التالية:
ما الذي يخطر على بالنا أوّلا حينما نسمع عبارة حجارة طبيعية؟ هل نرى فيها التصميم والتزويق؟ هل تتخيل مدخل فندق جميل أو قاعة عرض بأوجاقها الفاخرة والباهرة، أو حتى غرفة حمام صممت بحجارة طبيعية متميزة ومتجانسة العروق تجانساً مبهراً؟
هل ترى فنّاً وابداعاً في ذلك؟ هل تعود إلى بالكم المنحوتات التاريخية منها والحديثة التي نتمتع بفرادتها حينما نتفسح في مدينة ما أو عندما نقوم بزيارة أحد المتاحف؟
هل تراها كمادة بناء؟ كم من مرة أيها المعماري وأيها المهندس الديكور توقفت أمام واجهة بناية منبهراً بجمالها، أو أمام جدار عتيق أو واجهة متجر متميزة؟
والسؤال الذي نطرحه أخيراً هو هل ننظر إلى الحجارة الطبيعية بصفتها كتاريخ؟ لا شك في أن لا أحد يستطيع القول بأن الحجارة الطبيعية لا تشكل جزء من موروثنا الحضاري والدليل على ذلك نراه في جميع البلدان واضحاً وجليّاً، فبصفتها من أكثر مواد البناء دواماً فإن الحجارة الطبيعية استعملت دائماً في هياكل المباني (منذ أهرام مصر إلى أي من المباني التاريخية الموجودة في مدن العالم)، إنها حقّاً مبان كتبت صفحات من تاريخ الإنسانية.
ولهذه القيمة والأهمية التي تتمتع بهما فإن الحجارة الطبيعية هي حقاً مادة تختلف عن غيرها من المواد.
إن الحجارة بصفتها كمادة طبيعية لها خصوصياتها تجعلنا مضطرين حينما نختار حجارة لمشروع ما أن نتمعن جيداً فيها للأنتهاء بأخذ القرار الصحيح. لذلك فإن السؤال الذي يطرح في هذا الشأن هو: ما هي المعايير التي يجب الإستناد عليها عند اختيار صنف ما من الحجارة الطبيعية لانجاز مشروعنا؟
توجد طريقة جيدة في هذا والتي تتمثل في تشكيل قائمة تتضمن النقاط التي يتحتم اعتبارها، قائمة نلخص فيها المعايير الأساسية، وبطبيعة الحال فإن كل نقطة من النقاط التي تشملها القائمة قد تتضمن اختلافات عدة بحسب الحالة، ولكن وفي جميع الحالات يجب على القائمة هذه أن تغطي الجوانب الأهم.
وتكتسي جميع نقاط القائمة أهمية كبرى وسنقوم بسردها على التوالي دون الاستناد إلى أية أولوية خصوصية، هذه النقاط هي:
- استعمال تجاري أم استعمال خاص
- تركيب داخلي أم خارجي
- المتطلبات الخاصة للتشطيبات
- مخطط الألوان المرجوة والتوافقات فيما بينها
- كمية الحجارة المطلوبة وتوفرها
- عينات عن الحجارة ومعاينة ألواح كبيرة الحجم
- الميزانية
- بيانات المواصفات التقنية أو الإختبارات
بالرغم من أن جميع هذه النقاط لا تحتاج إلى شرح مفرط فإننا سنتعمق شيئاً ما في كل واحدة منها.
- استعمال تجاري أم استعمال خاص
إذا ما تعلق الأمر بالإستخدام التجاري فإن ذلك يعني كثافة الإستعمال وهو ما يتطلب حجارة صلبة، فلا يجوز استعمال حجر جيري لين رغم جماله لتبليط المتاجر ولكن في المقابل يمكننا توظيفه لتغليف الجدران.
ولكن من جهة أخرى لاستعمال الحجارة في المساكن يظل بامكاننا مبدئيّاً أن نستعمل جميع أصناف الحجارة الطبيعية وذلك حسب المكان الذي سنستعملها فيه، فعلي سبيل المثال، بالنسبة لأوجاق المطابخ فإن أحسن الإختيارات لا يزال اختيار الجرانيت لأن تركيبته الكيمياوية تجعله يقاوم أحسن من غيره من الحجارة تأثيرات الحوامض والتصدئ.
- تركيب داخلي أم خارجي
فيما يخض الإستعمال الداخلي فإن العوائق الوحيدة الواردة قد تطرقنا إليها.
ولكن حينما يتعلق الأمر باختيار الحجر الطبيعي للإستعمال الخارجي علينا أن ننتبه أولا إذا ما كان سيستعمل في الجدران أو في التبليط. فغالبية اصناف الحجارة تتناسب في تطبيقها على الجدران لأن المياه لا تؤثر كثيرا عليها، رغم ذلك علينا أن ننتبه إلى الخصوصيات التقنية للحجارة، كما علينا أن نعير اهتماماً خاصاً إلى درجة امتصاص الحجارة للسوائل، ونشير إلى أنه بامكاننا اليوم اللجوء إلى اختبار معروف باسم "تبلور الأملاح" (salt crystallisation) من خلاله يمكننا التعرف على كيفية تقادم الحجارة مع مرور السنين.
أما بالنسبة للتبليط الخارجي، فإن العوامل المناخية تلعب دوراً كبير جدّاً حيث أن المياه والثلوج والجليد تظل على السطح ويكون تأثيرها أكبر على الحجارة، فحسب تجربتي الخاصة فإن الأرضيات الخارجية الموجودة في الأماكن ذات المناخ البارد تتطلب أصناف من الحجارة التي تستجيب إلى أعلى المواصفات.
- المتطلبات الخاصة للتشطيبات
لسلامة المستعمل تتطلب المشاريع أحيانا أن تكون الأرضيات مضادة للإنزلاق وفي الكثير من الحالات يتطلب ذلك اللجوء إلى تشطيبات خصوصية مثل اللهب أو النقش بالمنحاة المسنن أو تخشين السطح باستعمال الرمل وغيرها من التطبيقات، لكن علينا أن نأخذ بعين الاعتبار أنّه لا يمكن تطبيق بعض هذه التشطيبات على جميع أصناف الحجارة، فعلى سبيل المثال لا يمكن تطبيق اللهب على غالبية أصناف الحجر الجيري.
- مخطط الألوان المرجوة والتوافقات فيما بينها
نجد تقريباً دائماً حجارة طبيعية تتوافق مع كل مخطط لوني لأي مشروع، حيث أن الحجارة هي مادة طبيعية تم استخراجها من محجر ما وهي ليست بمنتوج صناعي صمم في مصنع ما يستجيب إلى مقاييس مضبوطة ذي ألوان متجانسة كل التجانس. بل إن هذا التباين الطبيعي في اللون هو ما يميز الحجارة ويجعلها فريدة ويعطيها جماليتها. المسألة التي تطرح هنا هي: الكم مقابل التجانس. فإذا كان المشروع يخص مساحات كبيرة علينا أن نقتصر على حجارة في حد ذاتها متجانسة، وفي نفس الوقت علينا أن نكون على وعي تام بالإمكانيات الهائلة التي قد تنتج عن تركيبة محكمة لمواد معرقة، وهو ما قد يجعل مشرعنا مشروعاً فريداً لأنه لا يوجد في العالم مجموعة أخرى من الألواح التي تعطينا نفس النتيجة.
- كمية الحجارة المطلوبة وتوفرها
يبدو الأمر بديهيّا غير أن هنالك الكثير ممن يستغرب من ظهور صعوبات تعود عادة إلى توقعات تخرج عن المعقول في مجالين إثنين وهما:
نجد عن كل حجارة لوحات ذات رسوم وافرة وأخرى رسومها محدودة، وإذا ما أردنا أن نتحصل على مظهر نظيف لتغطية مساحة كبيرة جدّاً قد يستحال الحصول على الكمية الكافية لذلك، إذ لا أحد على استعداد لحفر نصف جبل لتبليط صالون بيت.
من جانب آخر، وحتى بدون هذا الصنف من القيودات، عندما يتعلق الأمر بمشاريع ضخمة لا بد من التأكد مسبقاً من أنّ للمحجر القدرة على استخراج الكمية المستلزمة وضمن الآجال المحددة.
- عينات عن الحجارة ومعاينة ألواح كبيرة الحجم
اتباعاً للنقطة السابقة، فأنه من الضروري عدم اتخاذ أي قرار نهائي في استعمال صنف ما من الحجارة باعتماد معاينة عينات عنها، هذا، حسب رأيي الخاص، أحد أكثر الأخطاء تكرارا التي تطرأ في عالم صناعة الحجارة. وبالتالي يجب دوماً، هذا إن كان ذلك يدخل في حدود امكانياتنا، القيام بزيارة الموزع المحلي ومعاينة ألواح كبيرة الحجم تعطينا نظرة أقرب إلى الواقع عن المظهر التي ستكون عليه الحجارة في مساحة أكبر بلاطاً كان أم جداراً. كما يمكننا اللجوء إلى معاينة صور ذات جودة عالية على أجهزة إلكترونية متطورة حينما يستحال علينا التنقل شخصيّاً.
- الميزانية
قد تكون هذه النقطة النقطة الوحيدة التي لا تستدعي تفسيرات إضافية، غير أنه علينا أن نذكر بأنه لكل ميزانية حجارتها.
- بيانات المواصفات التقنية أو الإختبارات
حينما ننطلق في انجاز أي مشروع بناء باستعمال الحجارة علينا ألا ننسى بأنّ المحاجر بدأت تصْدر بيانات خاصة بالمواصفات التقنية لكل منتوج من منتوجاتها بالإعتماد على التجارب المخبرية، وتجدر الإشارة إلى أنه ابتداء من يوليو 2013 أصبح من الضروري في الإتحاد الأوروبي تقديم هذه المعلومات.
خلاصة القول، بامكان الحجارة الطبيعية أن تظفي قيمة إضافية فريدة على مشروعنا، وما علينا إلا التعقل ساعة الإختيار، وأترجاكم أن تستغلوا أقصى ما في الإمكان معارف مزودكم والخبرة التي جمعها طوال سنوات نشاطه، لا تترددوا في زيارته والحديث معه فاطرحوا عليه أي سؤال قد يخطر على بالكم وإن بدا لكم بسيطاً. وحتى إن كان طلبكم معقدّاً فإن مزودكم سيكون مستعدّاً لمدكم بجميع الإستجابات مباشرة من المحاجر.
إن المشاريع التي يتم انجازوها باستعمال الحجارة الطبيعية لا تبرز فقط فرادة الحجارة بل أيضاً فرادة مشروكم، فما عليكم إلاّ أن تقوموا بالإختيار الصحيح وسيكون فخركم بانجازكم كبيراً.
Sections